القائمة الرئيسية

الصفحات

 كيف اغيّر تنظيم المهام  في حياتي

 


لطالما شعرت أن يومي يمر بسرعة، وكأنني أركض خلف الوقت دون أن ألحق به. قائمة المهام في رأسي لا تنتهي، وكل مهمة مؤجلة تولّد شعورًا بالذنب يرافقني كظلّ ثقيل. لم أكن كسولًا، بل مشتتًا. ولفترة طويلة، كنت أظن أنني فقط بحاجة إلى "التحفيز" أو دفعة من الحماس، حتى أدركت أن المشكلة أعمق: كنت أعيش دون نظام.

البداية: لحظة الإدراك

في أحد الأيام، وبينما كنت أتنقل بين عدة مهام متداخلة، نسيت تمامًا موعدًا مهمًا. كان ذلك بمثابة صفعة أيقظتني. شعرت أنني فقدت السيطرة. قررت أن أبحث عن طريقة تساعدني على تنظيم حياتي بطريقة لا تُشعرني بالضغط بل تمنحني صفاء ذهنيًا. وهنا تعرفت على كتاب "أتمم ذلك" (Getting Things Done) لديفيد ألين.

 

اكتشاف منهج GTD

كان أول ما جذبني في منهج "أتمم ذلك" هو بساطته وعمقه في الوقت نفسه. ألين لا يقدّم مجرد "قوائم مهام"، بل يقدّم نظامًا متكاملًا يساعدك على إفراغ ذهنك من الفوضى، وتحديد المهام، وتحويل الأفكار إلى أفعال قابلة للتنفيذ.

الفكرة الجوهرية في المنهج كانت 

"عقلك مكانٌ لابتكار الأفكار، لا لحفظها."

هذا الاقتباس وحده غيّر نظرتي لكل شيء.


1- الخطوة الأولى: التفريغ العقلي

بدأت بتطبيق أول خطوة: التفريغ. جلست مساءً وفتحت مفكرة وكتبت كل ما يشغل ذهني. من المهام الكبيرة إلى أصغر التفاصيل

1- شراء مصباح.

2- إرسال بريد.

3-مشروع مهم في العمل.

4- وحتى مكالمة مؤجلة مع صديق.

كانت النتيجة مدهشة:

أكثر من 50 عنصرًا خرجوا من رأسي في أقل من ساعة! لأول مرة شعرت أنني "أتنفّس".

2- تحويل الفوضى إلى خطوات عملية

وفقًا لمنهج GTD، بعد التفريغ تأتي مرحلة التوضيح:

ما الذي يجب فعله مع كل عنصر؟ هل هو قابل للتنفيذ الآن؟ هل يحتاج لتفويض؟ هل يمكن حذفه؟

على سبيل المثال:

"ترتيب المكتب" مهمة قابلة للتنفيذ: "شراء منظم أوراق من المتجر"

"مشروع X" مشروع يحتاج إلى تخطيط: "الخطوة التالية: إرسال بريد لفريق العمل 

بدأت أستخدم أداة بسيطة هي تطبيق Todoist، وأنشأت قوائم مثل:

- المهام التالية (Next Actions)

- المشاريع (Projects)

- المهام المؤجلة (Someday/Maybe)

- التحديات التي واجهتها

بصدق، لم يكن الالتزام سهلًا في البداية. التحدي الأكبر كان الاستمرارية. أحيانًا كنت أعود للفوضى السابقة، أنسى المراجعة الأسبوعية،

 أو أضع مهامًا كثيرة بلا ترتيب.

لكن مع الوقت، لاحظت أن مجرد التوقف وإعادة ضبط النظام حتى لو مرة في الأسبوع كان كافيًا لإعادتي إلى المسار.

- النتائج التي لم أتوقعها

بعد مرور أسابيع على تطبيق النظام، بدأت ألاحظ أمورًا لم أكن أتوقعها:

1. صفاء ذهني: لم أعد أستيقظ متوترًا، لأنني أعلم أين توجد مهامي وما الذي عليّ فعله.

2. إنجاز أكثر بجهد أقل: أصبحت أُنجز المهام الصغيرة بسرعة، لأنني حددت "الخطوة التالية" بوضوح.

3. نظام حياتي اليومي أصبح واضحًا: وقت للعمل، وقت للراحة، ووقت للعائلة، دون شعور بالذنب أو التأجيل.

- أهم ما تعلمته

1- التنظيم ليس رفاهية بل ضرورة.

2- كتابة المهام خارج العقل هو شكل من أشكال التحرر العقلي.

3- لا تحتاج إلى تطبيقات معقدة، بل إلى نظام واضح وواقعي.

4- مراجعة أسبوعية بسيطة تُحدث فرقًا كبيرًا.

هل أنصح بطريقة GTD؟

نعم، وبكل ثقة. سواء كنت طالبًا، موظفًا، مستقلًا، أو حتى شخصًا يبحث عن تنظيم يومه، فإن منهج "أتمم ذلك" يقدم إطارًا يساعدك على تحويل الحياة اليومية من فوضى إلى وضوح.

أنصح بقراءة الكتاب الأصلي، أو على الأقل الاطلاع على ملخصاته، وبدء التطبيق خطوة بخطوة.

خلاصة شخصية

تنظيم المهام غيّر حياتي، ليس فقط لأنني أصبحت أكثر إنتاجية، بل لأنني صرت أكثر هدوءًا، أكثر وعيًا بما أفعله،

 وأكثر احترامًا لوقتي ووقتي الآخرين.

تذكر أن التنظيم لا يعني أن تكون مثاليًا، بل أن تكون صادقًا مع نفسك بشأن ما تستطيع فعله، ومتى، وكيف.

 

- هل جربت تنظيم المهام بطريقة معينة؟ أو هل لديك أسئلة حول منهج "أتمم ذلك"؟

- شارك تجربتك أو استفسارك في التعليقات أحب أن أسمع منك!